TSMC تعزز ريادتها: أربعة مصانع جديدة لإنتاج شرائح 1.4 نانومتر بحلول 2028


في خطوة استراتيجية تؤكد طموحها لترسيخ هيمنتها على قطاع الرقائق الإلكترونية المتطورة، أعلنت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) عن خططها لإنشاء أربعة مصانع حديثة مخصصة لإنتاج رقائق بمعمارية 1.4 نانومتر. من المتوقع أن تبدأ هذه المصانع عملياتها الإنتاجية بكامل طاقتها في النصف الثاني من عام 2028، وذلك استجابة للطلب المتزايد عالميًا على معالجات الذكاء الاصطناعي، ووحدات الحوسبة عالية الأداء، وأحدث أجهزة الهواتف الذكية.

موقع استراتيجي وتخطيط مستقبلي

اختارت TSMC حديقة التكنولوجيا المركزية في تايوان كموقع لبناء هذه المرافق الجديدة، والتي ستُعرف باسم "Fab 25". صرح مدير الحديقة، شو ماو-شين، بأن الأعمال التحضيرية وتقييم المخاطر ستُنجز بحلول أواخر عام 2027، لتبدأ بعدها مرحلة الإنتاج التجاري. يمنح هذا الموقع الاستراتيجي الشركة قربًا من شركائها في سلسلة التوريد، مما يعزز فرص الابتكار المشترك في تقنيات تصنيع الرقائق الذكية. هذا التكامل بين البنية التحتية المتطورة والتعاون الصناعي يُعد عاملًا حاسمًا في تسريع تطوير المنتجات وتقليل تكاليف النقل والتشغيل، وهي جوانب أساسية في صناعة أشباه الموصلات.


تقنيات متطورة وكفاءة غير مسبوقة


عند تشغيلها بالكامل، ستتمكن هذه المصانع من إنتاج حوالي 50 ألف شريحة سيليكون شهريًا، بالاعتماد على تقنية "A14" التي تستخدم هندسة 1.4 نانومتر. تتميز هذه الرقائق بتحسين في السرعة يصل إلى 15% وتقليل في استهلاك الطاقة بنسبة 30%، مقارنة بالشرائح الحالية المصنعة بدقة 2 نانومتر. يمثل هذا التطور قفزة نوعية لمصنعي الأجهزة الذكية ومطوري تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث سيوفر أداءً فائقًا وكفاءة طاقة محسّنة في قطاعات حيوية مثل مراكز البيانات الضخمة، الحوسبة السحابية، والسيارات الكهربائية.


منافسة شرسة وريادة سوقية


تتناغم رغبة TSMC في تعزيز التقنيات المتطورة مع مشهد المنافسة الشرسة الذي يفرضه كل من سامسونج وإنتل، اللتين تسعيان أيضًا بقوة للوصول إلى تقنية 1.4 نانومتر خلال السنوات المقبلة. يبدو أن اختيار تايوان لهذا الإطار الزمني الدقيق للبداية والإنتاج يستهدف ترسيخ أسبقية واضحة في السوق العالمي، مما يؤكد مكانتها كلاعب رئيسي في صناعة أشباه الموصلات.



توسع عالمي استثنائي وثقة المستثمرين




في إطار خطتها الأشمل، تعتزم TSMC استثمار زهاء 42 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025 لتدشين ثمانية مصانع رقاقات جديدة ومرفق متطور لتعبئة الرقائق حول العالم. بحسب تصريحات رئيس مجلس الإدارة سي. سي. وي، فإن الشركة تخطط كذلك لتشييد أحد عشر مصنعًا متكاملاً وأربعة مرافق إضافية للتغليف المتقدم عالميًا، وذلك لتلبية الطلب المتزايد من العملاء. هذه الخطط الواسعة تأتي في أعقاب تحقيق الشركة أرباحًا ربع سنوية وصفت بأنها "قياسية"، مما عزز ثقة المستثمرين بالتوسع الاستثماري وعكس توقعات إيجابية لنمو الإيرادات السنوية بأكثر من 30%.



وبينما تمثل النجاحات المالية الحالية دافعًا قويًا لمزيد من الجرأة في السياسات التوسعية، يظل النمو القياسي في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة هو المحرك الأهم. يربط ذلك بين خطط بناء المصانع الجديدة والطموحات الكبرى لتايوان في تصدر صناعة أشباه الموصلات المتقدمة، خاصة في مرحلة ما بعد 2 نانومتر.


آفاق الشراكة والابتكار في الحديقة العلمية




من اللافت أن التوسع في حديقة التكنولوجيا المركزية أتاح أيضًا مساحات مخصصة لشركاء سلسلة التوريد وشركات عالمية مثل NVIDIA، التي يُرجح أن تؤسس مرافق أبحاث داخل الحديقة لدعم الابتكار وتطوير المنتجات المستقبلية. يعكس هذا التوجه وعيًا متزايدًا بأهمية شبكات التعاون ضمن النظام البيئي لصناعة الرقائق الإلكترونية، ويتيح مرونة واستجابة أكبر أمام التغيرات في احتياجات السوق التقني العالمي.


في ختام هذا التحليل، يتضح أن قرار TSMC بتسريع بناء المصانع المتخصصة وإدماج أحدث تقنيات التصنيع يضعها في طليعة المنافسة ويرسم ملامح لعصر جديد في تطوير الرقائق الذكية. هذا الاستثمار الضخم يخدم تطلعات الاقتصاد التايواني ويعزز مكانته في سوق يتغير بوتيرة متسارعة، مؤكدًا على أهمية الابتكار والاستدامة في تحقيق الريادة الصناعية.
تعليقات